إعادة حسان ويعقوب والحوينى إلى الميكروباص هام جدا
محمد الدسوقى رشدى
إعادة حسان ويعقوب والحوينى إلى «الميكروباص»!
الأربعاء، 6 أكتوبر 2010 - 12:04
الحديث السلبى عن الفضائيات الدينية دائما مايغضب المواطن المصرى.. فطرته تدفعه لهذا الغضب معتبرا إياه وسيلة للغيرة على دينه وعقيدته حتى لو كان مقصرا فى أداء شعائره والالتزام بتعاليمه.. وإلا بماذا تفسر عدم تساوى مقدار كل هذا الغضب وكل هذه الغيرة على الدين التى نشاهدها فى مظاهرات الفتنة أو دفاعا عن الفضائيات الدينية مع مقدار الإخلاص وإتقان العمل وحالة الصلاح والفلاح فى البلد؟!
بعض الفضائيات الدينية مسؤولة عن هذه الحالة.. حالة إعلاء المظاهر والطقوس والشعائر العلنية فوق معاملات والتزامات الصدق والإخلاص والنزاهة والأمانة، وكل تلك الأخلاق الدينية التى لا يمكن الكشف عنها أو التفاخر بها أمام الناس، هذا بخلاف أن بعض هذه الفضائيات تخصصت فى إعلاء نبرة التطرف والطائفية بخطاب دينى لو تم تسنينه فسنكتشف أنه أصبح أعتق وأعجز من أن يحفظ للإسلام رونقه وسماحته وتقدمه وأخلاقه.
تعال نتفق أن تكون صادقا معى ولا تقل لى إن تلك الفتاوى التى نسمعها على الفضائيات الدينية السلفية بخصوص عدم موالاة الأقباط، وعدم الأكل من طعامهم وحرمانية تهنئتهم بأعيادهم، والفتاوى المضادة التى تطلقها الفضائيات المسيحية على لسان مجنون مثل زكريا بطرس بخصوص المسلمين الذين سرقوا مصر والقرآن المحرف والنبى الذى سرق الآيات من الراهب بحيرة، ليست هى المسؤولة عن جو الاحتقان الطائفى الذى نعيشه، كن صادقا مع نفسك ياعزيزى واعترف بأن هذه الفضائيات التى تحولت إلى سبوبة تتاجر بالدين وتتقبل إعلانات عن المقويات الجنسية والمكانس والمفارش هى سبب أجواء التطرف التى نعيشها وسبب انتشار تلك الأجواء الانعزالية والاتكالية التى يعيشها الكثير من المصريين الآن، لهذا كان واقعيا جدا أن يصرخ العقلاء، مطالبين بإغلاق تلك الفضائيات طالما أن فرض رقابة محترمة عليها أمر صعب.. وكان مؤسفا أن يفضل أغلب هؤلاء العقلاء من المفكرين ورجال الدين المعتدلين الصمت خوفا من الهجمات الجماهيرية التى تكفر وتسب وتلعن كل من يذكر تلك الفضائيات بغير الخير والتفخيم والإعلاء من شأن شيوخها حسان والحوينى والمصرى ويعقوب.
أعتقد أننى كنت أول هؤلاء الذين حذروا من هذا الخطر الفضائى الذى يزحف ببطء وزاد إيمانى بخطورته بعد أن تلقيت ردود الأفعال القاسية على موقفى المناهض لتلك الفضائيات وخطابها الدينى المتشدد، وبناء على ذلك تخيلت أننى سأكون أول الفرحين بتلك التجهيزات الرسمية والحملة الشجاعة الذى تقودها وزارة الإعلام والوزير أنس الفقى لتصفية تلك الفضائيات وإغلاقها والذى كانت قناة البدر أولى خطواته..
على عكس كل توقعاتك ياعزيزى القارئ المتطرف التى اعتدت لعنى وتكفيرى كلما كتبت ضد تلك الفضائيات أو ضد إعلام الكنيسة لم أفرح، لأننى شعرت للحظات أن قرار الغلق ضد كل مبادئ حرية التعبير التى أعتنقها، وأحسست أن قرار الإغلاق تحايل وهروب من مواجهة خطاب دينى تضخم وانتشر وسيطر بشكل يفوق كل توقعاتنا، كنت أتمنى أن نخلق جبهة أخرى قوية قادرة على أن تواجه ذلك الخطاب المتطرف والمتشدد بخطاب دينى آخر أكثر احتراما واعتدالا وشرحا لصحيح الأديان، هذا هو الحل المثالى لتلك المشكلة.. أما الإغلاق أو منع هؤلاء الشيوخ من الظهور على شاشات التليفزيون فلن يكون سوى ربع الحل لأن شيوخ مثل حسان ويعقوب والحوينى ضاعفت تلك الفضائيات شعبيتهم وزادت من نفوذهم الشعبى، سيجدون لأفكارهم ألف منفذ آخر غير التليفزيون، ربما يكون الإنترنت، وربما يكون مساجد الأقاليم، وربما تكون الكتيبات الصغيرة، وربما تكون العودة إلى البداية.. إلى شرائط الكاسيت التى كانت تملأ الميكروباصات.. فهل نبدأ من الآن فى البحث عن ذلك الخطاب الدينى المعتدل ومساندة شيوخه ورجاله؟ أم سنكتفى بعد ثلاث سنوات أخرى بغلق الإنترنت ومنتدياته ومنع تركيب كاسيت فى الميكروباصات؟!
المصدر اليوم السابع