أطفال يعانون من «العنف
اللفظي» في المدارس
في كل مرة تذهب – سارة – البالغة من العمر – 7 – سنوات
للمدرسة تعيش اسرتها معها رحلة المعاناة التي تعبر عنها
بالبكاء ورفضها للمدرسة ليس بسبب تعلقها بوالديها اسوة
بباقي الاطفال في ايامهم الاولى بالمدرسة لكن بسبب التعنيف
الذي تتعرض له من قبل معلمتها والذي لم يصل الى حدود
العنف الجسدي لكنه اقتصر على ما يطلق عليه « بالعنف
اللفظي « الذي اصبح سلوكا عند بعض المعلمين والمعلمات
لخوفهم من اللجوء الى العنف الجسدي بحق الطلاب والنتائج
التي يمكن ان تترتب على ذلك خاصة في المدارس الخاصة .
لكن العنف اللفظي الذي يسمعه الطلاب خاصة في مراحل
دراستهم الاولى – اي المرحلة الابتدائية الالزامية الاولى –
ومرحلة ما قبل الصف الاول ابتدائي ليست اقل خطورة من
العنف الجسدي .
فالطفلة سارة التي اشارت والدتها بانها اصبحت خائفة من
الذهاب للمدرسة بسبب الكلمات التي تسمعها من معلمتها
خاصة اذا نسيت احضار اي من كتبها او دفاترها او اذا بدات
بالحديث مع صديقتها التي تتشارك معها بنفس المقعد الصفي
جعل من ذهابها للمدرسة مشكلة حقيقية تعاني اسرتها منها .
وتقول ام سارة بانها حاولت مراجعة المعلمة لتغيير نمط
سلوكها مع طفلتها ومع الطلاب الاخرين الا انها كانت تتلقى
وعودا لم يتحقق منها شيئا على ارض الواقع.
واشارت الام بان المعلمة تعتبر ان « التوبيخ « للطلاب امر
ضروري لتعديل سلوكهم رافضة الاعتراف بان التوبيخ دون
استخدام كلمات عنف تؤذي شعور الطلاب هو الذي يسهم في
تعديل سلوكهم بدلا من الاستمرار في اسماعهم كلمات تؤذي
طفولتهم وتترك اثارا سلبية على رغبتهم بالذهاب للمدرسة
بحيث يصبح الطالب يبغض المدرسة والمعلم بفضل ما يعيشه
ويسمعه يوميا من عنف لفظي .
وتعاني ام روان – طفلتها في الصف الاول ابتدائي – من
رفض طفلتها الذهاب للمدرسة وتقول لوالدتها بانها تخاف
من معلمتها لانها دائمة الصراخ وكثيرا ما توبخها امام
زملائها اضافة الى ما تردده على مسامعهم من كلمات
( كالاغبياء ) والتهديدات المستمرة للطلاب باخراجهم من
الصف وايقافهم طيلة الدوام المدرسي في الساحة بمفردهم .
واشارت الام الا ان اتباع مثل هذه الاساليب يؤذي للطفل
ويزرع في نفسه معنى الخوف من المدرسة والمعلم متسائلة
ما ذنب الطالب ان يسمع كلمات عنف من معلمته لانه نسي
كتابه او تحدث مع زميله خاصة وانه لا يزال طفلا يحتاج
لمعاملة بعيدة عن العنف ليفهم خطا اي سلوك قام به ويعمل
على تغييره من خلال اساليب تربوية تتبعها المعلمة .
وتقول ان عددا من المعلمين والمعلمات لا يفهمون من التعليم
سوى ما هو موجود بين الكتب ولا يتقنون فن التعامل مع
الطلاب لهذا الامر فان اغلب الطلاب لا يرغبون بالذهاب
للمدرسة ونسبة قليلة منهم يحب معلميه الذين يدركون كيفية
التعامل معهم ويؤمنون بان التعليم ليس تلقينا فقط بل هو
تربية قبل ان نتهافت على زج معلومات في اذهان الطلاب لا
يلبثون ان ينسوها بانتهاء العام الدراسي .
ويشير الدكتور عاطف شواشرة -محاضر في الجامعة
الاردنية ومستشار نفسي لدى جمعية نساء ضد العنف- الى
ان العنف اللفظي يعد من أشد أنواع العنف خطرا على
الصحة النفسية للاطفال، حيث ان العنف اللفظي يعتبر هداما
بشكل كبير خاصة لصورة الذات لدى الأطفال بالرغم من انه
لا يترك أثارا واضحة.
واضاف شواشرة ان العنف اللفظي هو أكثر أنواع العنف
شيوعا في المجتمعات الغنية والفقيرة. ويكون العنف اللفظي
على شكل شتم الطفل وإحراجه أمام الأخرين. ونعته بألفاظ
بذيئة, وعدم إبداء الإحترام والتقدير له, وإهماله ومدح أطفال
آخرين في حضوره، وتحقيره والسخرية منه والصراخ عليه.
مبينا ان تدني تقدير الذات لدى الطفل المعنف تظهر بشكل
واضح أثناء تعامل الأهل معه بشكل سيء, وعندها يجد
الطفل أن رأيه ليس مهما , وان مشاعره وسلوكه لسيت محلا
للثقة. ويستخدم الأهل عادة أساليب تعمل على إضعاف
إستقلالية الأطفال وثقتهم بأنفسهم مثل:الإهانة والتهديد,
والهجوم, والتقليل من شأنهم، ولومهم على أي شيء يسير
بشكل خاطئ, والنقد الشديد, وإطلاق ألقاب مهينة عليهم,
والتشكيك في ذكائهم, وقدراتهم, وأفكارهم, وجمالهم,
ومظهرهم، والتشكيك بسلامة عقلهم والتقليل من أهمية
مبادراتهم وأدائهم، حيث يؤدي هذا إلى الخوف ونقص
السيطرة على الاحداث، ورغبة في الانسحاب من المواقف
الاجتماعية، وتدني الثقة بالنفس، خاصة و أن بعض الاطفال
يبدا بتجيير سلوكه تدريجيا ليتوافق مع الصفات السلبية التي
ينعته بها الاهل.
فالطالب الذي يحمل حقيبته كل يوم ويقصد مدرسته ليتعلم لا
يجب ان يكون بانتظاره معلم يؤذي طفولته ويردد على
مسامعه كلمات عنف ستبقى تعيش في ذاكرته وبسببها يبغض
مدرسته ومعلمته .